ـ(206)ـ
الناتجة عن الملكة القائمة في النفس)(1).
وقد تعرض الفقهاء بالمناسبة في حديثهم عن العدالة إلى تصنيف المعاصي إلى صغائر وكبائر، ونص أكثرهم على أن الإصرار على الصغائر وعدم التوبة عنها نوع من الكبائر، كما جاء عن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام)، "إن الإصرار على الذنب أمْنٌ من مكر الله، فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون"(2).
وأما الكبائر فهي ما توعد الله عليها العذاب في كتابه الكريم، وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، كما جاء في رواية عبد العظيم الحسنى، عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام) جاء فيها، أن عمرو بن عبيد دخل على الإمام الباقر (عليه السلام) وبعد أن استقر به المجلس، تلا قوله تعالى [والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش](3).
ثم قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله، قال أبو جعفر (عليه السلام) يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك بالله، قال سبحانه وتعالى: [ من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنّة](4) وبعد اليأس من روح الله، لأن الله يقول: [لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون](5).
ومضى الإمام (عليه السلام) يعدّد الكبائر التي نص عليها القرآن الكريم، حتّى عدّ اثنين وعشرين نوعاً.
وخير تعريف للعدالة ما قاله الأستاذ المحقق السيد محمّد تقي الحكيم: "هي الاستقامة في السلوك بالسير على وفق أحكام الشريعة الإسلاميّة الملزمة، والتي تنشأ عن بواعث نفسية".
ولعل القائلين بالملكة لا يريدون أكثر من هذه البواعث، كما أن القائلين
______________________
1 ـ الوجيزة في دراية الحديث: 126.
2 ـ الأعراف: 99.
3 ـ الشورى: 37.
4 ـ المائدة: 72.
5 ـ يوسف: 87.