ـ(204)ـ
منا ناحية شروط المقلد، ولذا اختلف الأصحاب في بيان ما هو المراد من لفظها الوارد في كلام المتشرعة، بل والشارع.
والعدالة في اللغة: هي الاستواء أو الاستقامة، أو ما أشبه ذلك مما يراد فهماً أو يقاربهما مفهوماً.
وعند علماء الأخلاق: هيئة وملكة يقتدر بها العقل العلمي على تعديل القوى الثلاث، من العاقلة، والشهوية، والغضبية على حسب ما يقتضيه العقل النظري، فالعدالة عندهم في القلب كاعتدال المزاج في القالب.
والعدالة أيضاً: عبارة عن التوسط في الأمور من غير إفراط في الزيادة والنقصان.
والعدل: هو المتوسط في الأمر، ومنه قوله تعالى: [وكذلك جعلناكم أمة وسطاً](1) أي عدولاً.
وقد تطلق العدالة على ما يقابل الجور، وقد تطلق على الأفعال الحسنة التي يقوم بها الشخص لغيره، فيقال للملك المحسن لرعيته: عادل.
وفي لسان المتشرعة: فكما أنهما ليست مطلق الاستقامة، كذلك ليست الاستقامة الأخلاقية، إذ هي قل ما توجد إلاّ في الأوحدي في كلّ عصر ومصر(2).
وتطلق ويراد بها أهلية قبول الشهادة والرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وعرف الغزالي هذه الأهلية بقوله: "العدالة عبارة عن استقامة السيرة والدين، وحاصلها يرجع إلى هيئة راسخة في النفس، تحمل ملازمة التقوى والمرؤة جميعاً، حتّى تحصل ثقة النفوس بصدقه، وذلك إنّما يتحقق باجتناب الكبائر
______________________
1 ـ البقرة: 143.
2 ـ بحوث في الأصول للشيخ محمّد حسين الاصفهاني: 71.