ـ(199)ـ
واستدل الفريق الثاني بالكتاب، وإجماع الصحابة، والمعقول:
أما الكتاب فقوله تعالى: [فاسألوا أهل الذكر إنّ كنتم لا تعلمون](1)
هذه آية مطلقة لم تفرق بين الأعلم وغيره من العلماء، مع تفاوتهم في تحصيل العلم والمعرفة عادةً.
ونوقش هذا الاستدلال بأن الآية لا تشمل العلماء المختلفين في الفتوى، إذا يمتنع أني يصدر التعبد من الشارع بالأمور المتناقضة، وإنّما هي محمولة على إحالة الاتفاق بالفتوى، وهذا ليس بنادر كما يدعى(2).
أما إجماع الصحابة: فهو انهم متفقون على جواز الإفتاء من كلّ صحابي، الفاضل منهم والمفضول من المجتهدين، دون إنكار من أحد العمل بقول المفضول مع وجود الأفضل، فكان ذلك إجماعاً.
قال الآمدي: "إنّ الصحابة كان فيهم الفضل والمفضول من المجتهدين، فأن الخلفاء كانوا أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها".
الأصل العقلي: ذكر كثير من علماء الإمامية هذا الأصل وقالوا: إنه يقتضي الأخذ برأي الأعلم، وذلك لدوران الأمر بين التعيين والتخيير ففي حالة تعارض قولي الفاضل والمفضول، يكون رأي الأعلم معلوم الحجية بينما رأي غيره مشكوك الحجية، والشك في الحجية مساو للقطع بعدمها ـ كما هو مقرر ـ، فالرجوع إلى الأعلم متعين بمقتضى هذا الأصل.
______________________
1 ـ النحل: 43.
2 ـ لا حظ الأصول العامة للفقه المقارن محمّد تقي الحكيم: 660.