ـ(192)ـ
أدلة المانعين من تقليد الميّت مطلقاً:
استدل من منع تقليد الميّت مطلقاً:
الوجه الأول: إنّ المجتهد يجوز له تغيير رأيه واجتهاده لو كان حياً، فإذا جد والنظر، فربما يرجع عن قوله الأول، وإن الميّت لا بقاء لقوله، بدليل انعقاد الاجتماع بعد موت المخالف، فلو كان للميت قول بعد موته، لما انعقد الإجماع، لأن قوله لا يزال باقياً، والمخالفة لا تزال قائمة، وإذا لم يكن للميت قول، فلا يجوز تقليده ولا الإفتاء بما كان ينسب إليه.
وقالوا: أما فائدة تصنيف الكتب في المذاهب بعد موت أربابها، فلاستفادة طريق الاجتهاد من تصرفاتهم في الحوادث، وكيفية بناء بعضها على بعض، ولمعرفة المتفق عليه من المختلف فيه.
ونوقش هذا الدليل: بأنه لا يسلم انعقاد الإجماع بموت المخالف اتفاقاً، فأن بعض العلماء يرى أن قول المخالف لا يزال باقياً، ولا إجماع مع المخالفة، ثم إنّ هذا الدليل منقوض ومعارض بحجية الإجماع بعد موت المجمعين جميعاً، لو كان القول يموت بموت صاحبه لما كان الإجماع حجة، لأن المجمعين قد ماتوا، فلا قول لهم، علماً بأن الإجماع على الحياة، نقل عن جماعة الاتفاق عليه، وأنه بلغ اشتهار القول بعدم جواز تقليد الميّت من العوام حيث قيل: (إنّ قول الميّت كالميّت، وقطع الأصحاب بأنه لا يجوز النقل عن الميّت)(1).
ولكن أجابوا على ذلك أيضاً بأنه:
هذا الإجماع المدعى على تقرير تحققه، ليس إجماعاً تعبدياً لاحتمال أن يكون المدرك فيه الأدلة التي استدل بها القائلون بلزوم الحياة لمرجع التقليد،
______________________
1 ـ رسالة الاجتهاد والتقليد والعدالة للبروجردي: 45.