ـ(187)ـ
نعم يمكن أن يقال: إنّ الأصل يعني ـ أصل رجوع الجاهل إلى العالم ـ فطري، فأن حب البحث عن المجهول من فطريات الإنسان.
"ج" بخصوص قوله لدار أو تسلسل: فأنه لو قيل بأن جواز التقليد في الأحكام موقوف على تقليد العقلاء في أمورهم، وذلك لا يتوقف على جواز تقليد العامي في الأحكام الشرعية، ولو قيل بأن جواز التقليد في الأحكام موقوف على سيرة العقلاء في أمورهم، وذلك أيضاً لا يتوقف على جواز تقليد العامي، فلا دور ولا تسلسل.
وفيما يتعلق بجواز تقليد العامي عليه أن يتمسك بالسيرة العقلائية، لأن الارتكاز العقلائي إنّما هو رجوع العامي إلى هذا المجتهد، وإن ذلك من صغريات رجوع الجاهل إلى العالم، أو العامي إلى ذوي التخصص فيما يحيط بشؤونه الدينية وأحكامه الشرعية.
وليس للعامي التخلف عن هذا الارتكاز بما هو فرد من أفراد المجتمع الإنساني، وإن الصفة الدليلية والإمضاء الشرعي لهذه السيرة حاصل على عهد المشرع الأعظم، ولم يصدر ردع عن هذه السيرة من قبله، وهذا بنفسه إمضاء شرعي.
ومن ناحية أخرى، إنّ المكلف يعلم بثبوت أحكام إلزامية في حقه، وفي الوقت نفسه يعلم كلّ مكلف أنّه كإنسان لم يترك وشأنه، كبقية فصائل الحيوان المطلق الراح من ناحية التكاليف الشرعية، بل امتاز عنها بهذه التكاليف التي كلفه بها، وفي مقام إحراز امتثال تلك التكاليف الإلزامية، لابد له من أحد الأمور التالية: اليقين، الاحتياط، الاجتهاد، التقليد.
أما طلب تكليفه الحصول على رتبة الاجتهاد فمحال، لأنه يؤدي إلى أن ينقطع الحرث والنسل لو اشتغل معظم الناس بطلب العلم، وإذا استحال هذا لم