ـ(186)ـ
الدليل بقوله:
"إنه ـ التقليد ـ حكم جبلي فطري لا يحتاج إلى دليل، وإلاّ لزم سد باب العلم على العامي مطلقاً غالباً، لعجزه عن معرفة ما دل عليه الكتاب والسنة، ولا يجوز التقليد فيه أيضاً وإلاّ لدار أو تسلسل"(1).

وفي كلامه نظر:
"ألف" دعوى البديهية: فإنه لو كان جواز التقليد في الأحكام الشرعية أمراً بديهياً لم يختلف فيه اثنان، والحال أنّه قد وقع الاختلاف فيه، فقد حكي عن الشهيد في ذكراه وهو من الإمامية أيضاً أنّه قال:
(خالف فيه بعض قدماء الأصحاب، وفقهاء حلب، فأوجبوا على العوام الاستدلال، واكتفوا فيه بمعرفة الإجماع والنصوص الظاهرة، وأن الأصل في المنافع الإباحة وفي المضار الحرمة مع فقد النص)(2).
أما صاحب الفصول، وهو من الإمامية أيضاً فقد قال: (شرذمة أوجبوا على العامي الرجوع إلى عارف عدل، يذكر له مدارك الحكم من الكتاب والسنة، فإن ساعدت لغته على معرفة مدلولهما، و إلاّ ترجم له معانيها بالمرادف من لغته، وإن كانت الأدلة متعارضة، ذكر له المتعارضين ونبهه على طريق الجمع ويعد تعذر ذكر أخبار العلاج).
ثم قال(قدس سره): (ووضوح فساده يغني عن البيان).
"ب" بخصوص كونه حكماً جبلياً فطرياً: فأن الحكم الفطري هو الذي ينشأ من الغريزة، وجواز التقليد في الأحكام لم ينشأ من الغريزة، ولا من مقتضياتها.
______________________
1 ـ الكفاية 2: 359، معارج الأصول: 201.
2 ـ الذكرى للشهيد الأول.