ـ(185)ـ
وهي العقائد، جمعاً بينها وبين الأدلة السابقة التي ذكرت.

الآية الثانية التي استدلوا بها:
قال تعالى: [فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون](1).
إنّ الآية ألزمت النفر، والخروج على البعض من كلّ فرقة حسبما تقتضيه لولا التخصيصية، وأما الغاية من النفر، فسياق الآية يعطي أنّه لأجل التفقه في الدين، ولكن هذه الغاية لم تبق لوحدها، بل عطف عليها لزوم الإنذار من النافرين، فإن التفقه وإن كان غاية للنفر، إلاّ أنّه لا فائدة فيه إذا لم تكتمل هذه الغاية، وهي تقديم النافرين ما اكتسبوه من الفقه إلى قومهم.
وعلى الإجمال فإن الآية دالة على حجية الفتوى، وجواز التقليد مما لا إشكال فيه، ولا يعارضها شيء من الآيات المباركة،(2) لأن الاجتهاد ملكة لا تحصل إلاّ لنفر قليل من الناس، فإذا كلف بها جميع الناس، كان تكليفاً بما لا يطاق، وهو ممنوع شرعاً لقوله تعالى: [لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها](3).

النوع الثاني من الاستدلال على جواز التقليد

التقليد جوازه بديهي:
يصور لنا المحقق الآخوند الخراساني، صاحب الكفاية، من الإمامية هذا
______________________
1 ـ التوبة: 122.
2 ـ التنقيح ـ الاجتهاد والتقليد للسيد الخوئي(ره): 91.
3 ـ البقرة: 286.