ـ(184)ـ
خصوصاً والمسؤول من أهل الذكر.
لذا فالآية في مقام إرشاد العوام للرجوع إلى أهل الخبرة وهم أهل الذكر من العلماء، لتعليمهم ما يعود إلى أمورهم الدينية، وهو صورة أخرى من عملية التقليد، وتصريح بحجية فتوى العالم بالنسبة إلى الجاهل.
2 ـ إنّ المراد بأهل الذكر كما جاء في بعض التفاسير، هم علماء أهل البيت (عليهم السلام)، وفي بعض التفاسير هم علماء أهل الكتاب، وهذا الترديد ينافي الاستدلال بالآية على ما نحن فيه، من الرجوع إلى العلماء لأخذ الأحكام الشرعية منهم.
وأجيب عن ذلك: إنّ ورود الآية في مورد لا يوجب اختصاصها بذلك المورد، بل في الحقيقة إنّ الآية في مقام إعطاء ضابطة كلية، كما يصلح انطباقها على أهل الكتاب، في السؤال مع علمائهم فيما يعود إلى الاعتقاد وأصول العقيدة وأمر النبوة، كذلك تنطبق على أهل البيت (عليهم السلام) في خصوص ما يعود إلى السؤال منهم، وفي الوقت نفسه تشمل العلماء والفقهاء فيما يخصهم من السؤال حول الأحكام الشرعية.
3 ـ عورضت هذه الآية بآية أخرى: قال الله تعالى: [وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون](1) والقول بالتقليد قول ما ليس بمعلوم، فكان منهيّاً عنه، وأيضاً فقد ذم الله التقليد حكاية عن قوم قالوا: [إنا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون](2).
والمذموم لا يكون جائزاً كما بيّنا سابقاً.
وأجيب على ذلك: بأن الآية تحمل على ذمّ التقليد فيما يطلب فيه العلم،
______________________
1 ـ البقرة: 169.
2 ـ الزخرف: 22.