ـ(175)ـ
إصفهان، وبغداد، ودمشق، وراء نجاح المغول للسيطرة على البلاد الإسلاميّة، كذلك إنّ هذه الصراعات كانت وراء سقوط أكبر حكومتين إسلاميتين هي الحكومة الصفوية في إيران، والخلافة العثمانية في تركيا فخلال حكم الدولتين العثمانية(الحنفية) والصفوية(الإمامية الشيعية) أصبح الصراع الطائفي في جانبه الأعظم صراعاً وتنافساً سياسياً مغلفاً بالشعارات المذهبية، وقد ساهمت في تعميقه دول أوروبا(التي كانت في بدايات نفوذها الخارجي)، بهدف تفتيت وحدة الدول الإسلاميّة فخلال انتصارات العثمانيين المتتالية في عمق أوروبا والتمدد الصفوي في المنطقة، وبعد أن أصبحتا أقوى دولتين في العالم الإسلامي أجمع، تحرك الأوروبيون لضربهما من الداخل، فنشبت الحروب بينهما، حتّى قيل أن أية دولة في العالم لم تستطع الوقوف بوجه العثمانيين سوى الدولة الصفوية، وأن أية دولة لم تعاد الصفويين أكثر من الدولة العثمانية وفي الوقت الذي كان فيه الأخوان(رو برت وانطو ني شرلي) الإنكليزيين متحمسين لصناعة المدافع النارية للشاه عباس الصفوي(ت 1629م) بغية استعمالها في الحرب ضد العثمانيين، فإن العثمانيين كانوا يخرجون شيعة العراق من الجيش أو الرتب العليا فيها(1)
وقد كان التعصب المذهبي وراء قتل الحرية العقلية وتفرق الأمة الواحدة، واستبداد بعض الولاة والحكام بها، مما قضى عليها بالضعف والتخلف عدة قرون، وقد أتاح هذا لأعدائها لكي ينقضوا عليها، ويثأروا منها، فهم لم ينسوا جراحاتهم في حطين وغيرها من المعارك ولهذا سلبوا الأندلس، وصقلية، وجزر البحر المتوسط، وفلسطين، واحتلوا كثيراً من أقطارها، وفرضوا عليها قوانين وعادات تباعد بينها وبين أصالتها، وتسير بها شيئاً فشيئاً إلى الغربة الكاملة عن دينها وتراثها.
______________________
1 ـ كتاب إيران من الداخل ـ فهمي هويدي.