ـ(174)ـ
نهبت محلة الأخرى وأحرقتها وخربتها لا يخافون في ذلك إلاّ ولا ذمة.
ويتحدث ابن كثير في البداية والنهاية في الجزء 12 عما وقع من فتن بين أرباب المذاهب والعقائد في بغداد فيذكر أنّه في سنة 414 هـ حصل بين أهل الكرخ، وأهل باب البصرة فتن لا تحصى حصل فيها قتل ونهب وسلب ينحصر ولا ينضبط، ويقول أيضاً: وفي عام 422 هـ أغلق الشيعة الأسواق وعلقوا المسوح وخرجوا يبكون في الأزقة فأقبل عليهم أهل السنة في الحديد واقتتلوا اقتتالاً وقوى عليهم أهل السنة فقتلوا منهم خلقاً كثيراً.
وهذا الصراع الدامي بقي حتّى العصر الحاضر، فقد نشرت مجلة رسالة الإسلام مجلد 14 في القاهرة عام 1382 هـ أن رجال الشرطة في مدينة كراتشي أعلنوا أن 120 شخصاً من المسلمين قد قتلوا كما أصيب 16 شخصاً آخرين على أثر معارك دامية نشبت بين السنة والشيعة في قرية ثاري التي تبعد 25 ميلاً عن العاصمة الباكستانية وحتى هذا الأيام نسمع أخباراً من هناك لنفس الأسباب.
5 ـ تعدد الجماعات في المسجد الواحد: وكان من ثمرات ذلك الصراع المؤسف، تعدد الجماعات في المسجد الواحد وبخاصة في المساجد الكبير كالجامع الأموي بدمشق، والجامع الأزهر بالقاهرة، وأكثر الجوامع في العراق وإيران، فقد أصبح لأتباع كلّ مذهب محراب وإمام، كما تعدد القضاة بحيث كان لكل مذهب قاض يمثله(1).
حصيلة الطائفية التمزق والتخلف والاستبداد:
وكما كانت الصراعات والنزاعات الطائفية بين المذاهب الفقهية في
______________________
1 ـ مقالة (منهج التقارب بين المذاهب الفقهية) د. محمّد الدسوقي في مؤتمر الوحدة الإسلاميّة ـ طهران.