ـ(171)ـ

ثالثا: التعصب المذهبي والطائفي وأثره على الأمة الإسلاميّة:
بعد نشوء المذاهب الكلامية والفقهية، ظهرت في كثير من المراحل ظاهرة التقليد لأئمة الفقه ثم التعصب للمذاهب وأصبح هذا التعصب مصدراً للتحامل والخصام والصراع بين الفقهاء، والناس، والحكومات الإسلاميّة، وفي كثير من الأحيان تبادل الفقهاء أو اتباعهم في دفاعهم عن مذاهبهم عبارات السخرية والعداوة وزعموا انهم بهذا ينصرون الدين، بيد أنهم كانوا يخذلونه بتفريق كلمة الأمة وساعد على حدة التعصب المذهبي النزعات العرقية والإقليمية وأهواء بعض الحكومات، أولئك الّذين جعلوا من المذهب ومن الخلاف والتفرق وسيلة لحماية استبدادهم وجورهم(1). ولقد عرف التاريخ الفقهي ألواناً من التعصب الكريه بين أتباع المذاهب تجلت بعض صورة فيلما يلي:

صورة غربية من التعصب المذهبي والطائفي:
1 ـ المناظرات غير العلمية: فبالرغم من أن المناظرات كانت في عصر أئمة المذاهب تتخذ طابع البحث العلمي الذي يهدف التوصل إلى النتائج من مقدمات منطقية، وتعتمد الأمانة والصدق والتعاون العلمي ورعاية أدب الاختلاف، والتي أعطت الفقه أفكاراً جديدة وبلورة وازدهار(2) إلاّ أن المناظرات في عهد تلاميذهم وخصوصاً في عصر التخلف والتقليد لم يكن الغرض منها تمحيص المسائل وإظهار الحق وإنّما محاولة إفحام الخصم. إنّ التعصب هو الذي
______________________
1 ـ انظر الكتب التاريخية التي تكتب عن تاريخ الصراع المرير والدموي بين الحكومة العثمانية والحكومة الصفوية.
2 ـ لمعرفة المزيد من أسلوب المناظرات العلمية وأدب الاختلاف بين أئمة الفقه انظر كتاب(أدب الاختلاف ي الإسلام) للدكتور طه جابر العلواني.