ـ(170)ـ
العباسي وظهور شخصيات فقهية من بيوتات كبيرة في بغداد كالشيخ المفيد والسيد المرتضى، وتحولت بغداد إلى مركز ثقافي كبير من مراكز الحركة العقلية في العالم الإسلامي، يقطنه الآلاف من الفقهاء والمحدثين من كلّ المذاهب، وقد تبلورت ونمت مدرسة الفقه الشيعي في بغداد وخرج من دائرة عرض السنة ونقل الحديث إلى مرحلة الاجتهاد المطلق واستخدام الأصول والقواعد وظهور الفقه المقارن أو الفقه الخلافي وكان للشيخ الطوسي دور كبير في تكوين هذا الاتجاه وخصوصاً بعد انتقاله إلى النجف واستقرار مدرسة الفقه الإمامي الشيعي فيها(1).
وفي القرن العاشر الهجري ظهر تيار سلفي إخباري بين فقهاء الشيعة على يد الشيخ الاسترآبادي يعتمد الحديث والسنة كمصدر أساسي للفقه وكرد فعل لتطور واتساع الاعتماد على علم الأصول والحركة العقلية، ولكن بعد قرنين وبظهور العلامة الوحيد البهبهاني الذي أحيى الأصول وحركة الاجتهاد، سيطرت المدرسة الأصولية على الفقه الشيعي أي منذ ثلاثة قرون، ويعتبر أحياء المذهب الفقهي الشيعي منذ ثلاثة قرون وتوسع نشاط الحركة الفكرية وتطوير الاجتهاد من نتائج هذا الاتجاه، ولا يمكن أن ننسى دور الحكم الصفوي في اتساع رقعة التشيع في إيران وحواليها خلال تلك الفترة.
إنّ نمو وتطور نظرية ولاية الفقيه، والفقه الشيعي ودخوله معترك الحياة السياسية والاجتماعية على يد الإمام الخميني رحمه الله ونمو الحركة الفكرية والإسلاميّة في المجتمع الشيعي(2) يعتبر امتداداً للخط الاجتهادي والأصولي لهذه المدرسة الفقهية.
______________________
1 ـ انظر تاريخ الفقه الشيعي في مقدمة كتاب(اللمعة الدمشقية) طبعة النجف 1386.
2 ـ راجع دراسة "منهجية التغيير والإصلاح في الفكر الإسلامي الشيعي" لصادق العبادي التي ألقيت في مؤتمر مناهج التغيير في الفكر الإسلامي المعاصر عام 1414 هـ في الكويت