ـ(168)ـ
شتات المسائل في المذاهب وذكر المسائل الخلافية مع المذاهب الأخرى وتحرير أوجه الخلاف وبيان رجحان المذهب، وكان نشاط الفقهاء في هذا المجال: لوناً من السباق العلمي الذي خدم الفقه ورتب أبوابه وفصوله وكان من الأسباب التي حفظت فيه الأئمة المجتهدين وعملت على تنميته وكثرة الكتابة فيه.
المرحلة الثانية: بدأت بعد سقوط بغداد وظهور الحكومات الإسلاميّة المختلفة، حين غلب التقليد على النشاط الفقهي في المذاهب عبر توقف منهجية الاجتهاد وإغلاق بابه عند كثير من الفقهاء إلاّ الواعين منهم وساعد على ذلك تمزق العالم الإسلامي وضعفه واستبداد الحكام وتطاحنهم من اجل النفوذ والسلطان وقد نجم عن كلّ هذا انهيار الحياة العقلية والفقهية وانتشار البدع والضلالات وحرص الفقهاء على المناصب، وتجلي التقليد في هذه المرحلة في اجترار التراث الفقهي عن طريق شرحه واختصاره أو تنظيمه من دون إضافة جديدة وطغيان المباحث اللفظية والمسائل الافتراضية بصورة غير عقلية وابتعاد الفقه عن الحياة وما يحتاجه الناس من معاملات حيث طغى الشكل على الجوهر.
المرحلة الثالثة: والتي بدأت بعد الاحتكاك والمواجهة الأولى مع الاستعمار الغربي قبل مائة عام واستنهاض المسلمين وخروجهم من قوقعة الانطواء والركود منذ عصر السيد جمال الدين الأفغاني الأسد آبادي، حيث بدأت دعوة جاده للنهوض، والعودة إلى الإسلام وتفعيل عملية الاجتهاد الفقهي، فقد أخذت الدراسات الفقهية تشق طريقها نحو التجديد والتطوير ومواكبة العصر ومشكلاته المختلفة، وكانت العوامل التي هيأت لهذه الدراسات أن تتطور هو ظهور عدد من المصلحين الّذين قادوا حركة التجديد وحذروا من الجمود والركود وكذلك التطور الزمني ونحو المعارف البشرية والاحتكاك بين الحضارات وتيسر سبل الاتصال بين الأمم وانتشار التعليم وظهور الصحافة والمجلات، ولكن الفقه