ـ(164)ـ
ثالثاً: الأيدي المغرضة الدخيلة المتمثلة ببعض العناصر الجاهلية، والمنافقة، واليهودية، التي ما فتئت تحاول الفتك بالإسلام وتمزيق وحدة أبنائه.
لقد كانت سقيفة بني ساعدة في المدينة المنورة هي المسرح الذي شهد فصول بدء الخلاف ومن هنا فقد كانت "الخلافة" هي أساس الانشقاق الأول.
ومع أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقي يرى أنّه أحق بالخلافة، إلاّ أنّه بذل كلّ سعيه لتجاوز آثار الخلاف، حفاظاً على وحدة الأمة، حيث وضع بذلك الأسس الأولى للتقريب والوحدة بين المسلمين باتجاهاتهم الفكرية، والسياسية، المختلفة فلم يكن يمانع من مد يد العون والمشورة والنصح للخلفاء الثلاثة، ولم يكن خلافه في الرأي معهم سبباً في إيجاد الفرقة والنزاع بين المسلمين(1).
وفي سنوات خلافة الإمام علي (عليه السلام) وقعت للمسلمين أحداث عظيمة لم يكن من السهل أبدا جبر الكسر الذي نتج عنها، حتّى أصبح السيف والدم هما الفاصلين بين المسلمين وأهم هذه الأحداث: رفض والي الشام تقديم فروض الطاعة لخليفة المسلمين وخروجه، ونشوب معركة صفين، وظهور فرقة الخوارج، وظهور بوادر الطوائف، والفرق نتيجة الآراء، والمواقف المختلفة التي اختلطت فيها المفاهيم الفكرية، والسياسية، وكان من أهمها تلك الآراء المتناقضة التي اتخذت إزاء معركة صفين وكانت هذه الفترة حافلة بالمفاهيم الجديدة التي حملت على الإسلام، والتفسيرات والاجتهادات الخاصة والكيفية بشأن القرآن الكريم والسنة النبوية، فكان الكثيرون يبتدعون الآراء، والمدارس الكفرية، ثم يفرضونها على القرآن، والسنة، لتسويغها وتثبيتها، بدلا من استلهام أفكارهم من
______________________
1 ـ جذور المسألة الطائفية في الإسلام ـ علي المؤمن.