ـ(161)ـ
العنصرية، والقبلية، والجغرافية، والحزبية، السياسية كذلك فإننا لا نستطيع اتهام الطائفية بأنها شر مطلق ذلك أنها جزء من التركيبة الإنسانية والفطرة البشرية، وهي ربما تكون مفيدة في حالتها الطبيعية المعقولة وربما تنزلق إلى دائرة الإفراط والانحراف والسلبية ؛ في الحالة الشاذة وغير المعقولة.
يقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):
"فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل بالخلاق الرغيبة والأحكام العظيمة والأخطار الجليلة والآثار المحمودة"(1).
أما الجانب السلبي القابل للرفض من الطائفية والتعصب فهو يعبر عن انحراف في مسيرة المقتضيات الطبيعية، ذلك أن الفرد والأمة قد يبتليان نتيجة عوامل بالضعف في الشخصية المحددة ـ سواء على الصعيد العقائدي، أو العاطفي، أو السلوكي ـ فإذا ما صادف ذلك توفر عامل خارجي تحريضي أدى الأمر إلى ما نشاهده من أوهام عقائدية من جهة، وتعصب جاهلي مقيت من جهة أخرى، ونعني بالعامل الخارجي التأثيرات التي يمتلكها ذوو المصالح الضيقة، ويسعون لإيجادها في النفوس تحقيقا لمطامعهم وتمويها على الآخرين وتسخيرا لهم لتحقيق تلك المآرب الدنية فالضعف في الشخصية الفردية أو الاجتماعية، والإعجاب بالنفس أو الطائفة في الولاء، وتأثيرات النفعيين والمترفين، كلّ هذه الأمور لها دورها الهام في تحويل الأمور النسبية إلى مطلقة فالقبلية والنسب وأمثالهما أمور نسبية قد تكون طبيعية في حدود معقولة، أما الخطر كله فيكمن فيما
______________________
1 ـ نهج البلاغة.