ـ(160)ـ
السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وجعل الإنسان المسلم يتقوقع في إطار مذهبي محمّد بدل أن يتسامى في إطار الشخصية الإسلاميّة وما أشد ما لهذا الواقع من تأثير على إبعاد الإسلام عن واقع الحياة ووضعه في دائرة التراث، والتاريخ، وبالمقابل إفساح المجال للقوى الأجنبية للنفوذ السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والعسكري، في بلادنا الإسلاميّة وتحويلها إلى مقاطعات صغيرة ومناطق نفوذ وبؤر للصراع تسيطر هي على مفاتيح العمل والتأثير فيها، وجعل المسلمين بدل أن يعيشوا ضمن دائرة إسلامية واسعه لها أهدافها التنموية والحضارية والرسالية جعلهم يعيشون ضمن دائرة من السلبيات والأحقاد والحساسيات المختزنة والتي يملك الأجنبي فتيل إشعالها حسب المرحلة المناسبة عبر الحروب الحدودية والداخلية والطائفية.
وهذا هو الذي يدفع الكثيرين من أبناء الأمة لبحث الموضوع تارة تحت عنوان(الوحدة الإسلاميّة) وأخرى تحت شعار(التقريب بين المذاهب) أو(الطائفية وأثرها في انقسام الأمة).
ولابد لنا من مراجعة سريعة لمفهوم الطائفية وجذورها ونشأة المذاهب الفقهية والكلامية.
أولاً: مفهوم التعصب والطائفية:
إنّ هناك فرقاً كبيراً بين التعصب والطائفية كحالة فكرية أو سلوكية أو نفسية سلبية تتسم بها بعض الجماعات وبين المذاهب الفقهية، والكلامية، والاتجاهات الإسلاميّة المختلفة التي ولدت ضمن عوامل وتطورات فكرية وتاريخية مختلفة، ربما لا تكون العصبية الطائفية من سماتها.
إنّ الحالة لا تقتصر على الدائرة المذهبية فقط وإنّما أيضاً ضمن الدوائر