ـ(16)ـ
توحد بالتوحيد في علو توحيده، ثم أجراه على خلقه(1). فهو واحد، صمد، قدوس، يعبده كلّ شيء ويصمد إليه كلّ شيء، ووسع كلّ شيء علما)(2).
وعن داود بن القاسم الجعفري قال: (قلت لأبي جعفر (عليه السلام) " وهو أبو جعفر الجواد" جعلت فداك ما الصمد؟ قال: السيد المصمود إليه في القليل والكثير)(3).
وبعد أن أثبتت السورة المباركة حقيقة الوحدانية لله عزّوجلّ في آيتين منها، نفت في نصفها الآخر ما لا ينسجم مع الوحدانية، ويضادها.
فإذا كان من مقتضيات وحدانية الله عزّوجلّ: الأحدية والصمدية كمقومات أساسية لمعنى التوحيد، فإن من الأمور التي تكون منفية بشكل مطلق أن الله سبحانه وتعالى لم يلد أحداً، ولم يلده أحد.
فهو جل وعلا لا يكون متولداً من شيء أو مشتقاً منه بأي صفة من صفات التولد، أو الاشتقاق، كما اعتاد المشركون عبر التاريخ أن يظنوا، كأن يتصوروا لله أبناء أو بنات مثلا.
كما أن من خصائص هذه الوحدانية أن الله عزّوجلّ ليس له شريك في ملكه، في الخلق أو التدبير، كما ليس له مضاد في الملك، ولا منازع في الأمر، لا شبيه يشاكله، ولا ظهير يعاضده.
[ولم يكن له كفواًَ أحد]، فهو تعالى مستقل في الخلق وتدبير أمور خلقه، مستغن عمن سواه من خلقه، كفاءة في الذات والصفات والأفعال، لا يشاركه أحد في شيء من ذلك ولا يناظره، ولا يشبهه "تعالى أن يكون له كفؤ،
______________________
1 ـ إجراء التوحيد على الخلق هو فطرهم بفطرة التوحيد كما ذكر في الكتاب وفسر به في الآثار، و إليه يصمد كلّ شيء بالفطرة وان غشيتها في البعض كدورات العلائق المادية فغفلوا عنها.
2 ـ التوحيد ـ للشيخ الصدوق ص 94.
3 ـ نفس المصدر السابق ص 94.