ـ(15)ـ
ويجوز أن يجعل للواحد ثانٍ ولا يجوز أن يجعل لأحد ثانياً لأن الأحد يستوعب جنسه بخلاف الواحد ألا ترى انك لو قلت فلان لا يقاومه واحد جاز أن يقاومه اثنان، ولما قلت لا يقاومه أحد لم يجز أن يقاومه اثنان، ولا أكثر فهو ابلغ"(1).
وإذا كان الله عزّوجلّ هو الموجد لكل موجود، فكل ذي وجود محتاج إليه ومتوجه إليه، وسائر نحوه، الأمر الذي تفيده لفظة "الصمد"، وما أجمل هذه اللفظة، وما أدقها، وأعلاها شأناً فلكي تنسجم في عطائها مع "الاحدية" المطلقة لله عزّوجلّ كانت(صمد) محلاة بالألف واللام لينحصر كلّ عطاء به جلّ وعلا، وينحصر احتياج الخلق إليه دون سواه.
ومن أجل ذلك، فأن مدلول "الصمد" لغة، القصد مع الاعتماد، ومهما تكاثرت معاني(الصمد) إلاّ أنها تنتهي إلى منبع واحد، ومآل واحد.
فالصمد هو السيد المصمود إليه، المقصود في الحوائج كلها(2). وهكذا فإن كلّ شيء قائم بالله مستند إليه، ومستلهم منه وجوده وحاجته، مفتقر في وجوده إليه: [ألاله الخلق والأمر](3)[وان إلى ربك المنتهى](4) [قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كلّ شيء قدير](5) وقد ورد عن جابر بن يزيد الجعفي قال: (سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شيء من التوحيد، فقال: أن الله تباركت أسماؤه التي يدعى بها وتعالى في علو كنهه واحد،
______________________
1 ـ مجمع البيان ـ للشيخ الطبرسي ج 1 ص 564.
2 ـ في ظلال القرآن ص 4004 ـ الميزان للطباطبائي مصدر سابق ص 388.
3 ـ الأعراف ـ 54.
4 ـ النجم ـ 42.
5 ـ آل عمران ـ 26.