ـ(12)ـ
وهذه الحالة التي تستدعي نزول الآيات من رب العالمين على رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، تسمى أسباب النزول في مصطلح المسلمين.
فأسباب النزول ـ بناء على ذلك ـ قضايا وقعت في عصر البعثة الزاهر، فاستدعت نزول الآيات القرآنية لمعالجتها وإنارة الطريق بشأنها، وإزالة الملابسات إذا كانت هناك ملابسات حولها(1).
وسورة الإخلاص، صحيح أنها انطوت على أعظم مقومات الرسالة وهو "التوحيد" و"نسبة الرب"، وصفاته العليا، والمعاني التي صدعت بها، وأشرقت بها حروفها المباركة والتي هي حاجة، مركزية للرسالة، وأتباعها الّذين لابد لهم من التشبع بروحها، ومواجهة المشركين بمضامينها العظيمة، إلاّ أن نزولها ـ كما يفيد تاريخ القرآن ـ قد تزامن مع تساؤلات الكفار والمشركين، من أنماط مختلفة، وعلى شكل جماعات أو أفراد.
ونشير إلى بعض تلك التساؤلات التي سبقت نزول سورة الإخلاص، كما حكاها تاريخ نزول القرآن الكريم:
ـ عن أبي بن كعب، وجابر بن عبدالله الأنصاري: أن المشركين، قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): انسب لنا ربك، فنزلت السورة(2).
ـ وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): أن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: انسب لنا ربك، فلبث ثلاثاً لا يجيبهم، ثم نزلت هذه السورة(3).
ـ وفي رواية عن قتادة، والضحاك، أن أحباراً من اليهود سألوا النبي (صلى الله عليه وآله)
______________________
1 ـ مختصر علوم القرآن: الدكتور محمّد علي الرديني ط الجزائر ص 58 ـ ص 59.
2 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن ـ تفسير الإخلاص وأسباب النزول للسيوطي بهامش تفسير الجلالين ـ ط بيروت.
3 ـ التوحيد للشيخ الصدوق ص 93 ومثله في أسباب النزول للسيوطي بإسناد عن ابن عباس وسعيد وغيرهما.