ـ(110)ـ
ومن الآثار البارزة لهذا التكريم هذه الطاقة الهائلة التي مكنت الإنسان من تطوره وتطوير حياته بحيث صار يبتكر الوسائل ويستنبط الأسباب لجعل حياته أعلى رقياً وأكثر ازدهاراً وأوسع رفاهية، ولاختصار الزمن في قضاء حاجاته وبلوغ مراميه، فقد شهد العالم البشري ـ عبر امتداده ـ تطوراً هائلاً في حياة الناس الاجتماعية والثقافية والصناعية غير كثيراً من معالم الحياة، وبدل جانباً لا يستهان به من مظاهرها.
ولئن كان التكليف بقدر التشريف فإن كاهل الإنسان مثقل بالواجبات المتنوعة، كيف وقد جعله الله سيداً في الأرض بل قطباً في الكون كما يشهد له تسخير منافع هذا الكون من أجله [وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه](الجاثية: 13) فلا غرو إذا كان معقد التكليف الشرعي والمستهدف بخطاب الله تعالى في وحيه المحمل أوزار أمانته من بني خلقه، ومن أجل هذا كانت ذمة الإنسان مشغولة بأنواع شتى من الحقوق، منها ما هو لربه الذي خلقه، ومنها ما هو لبني جنسه، ومنها ما هو لمخلوقات أخرى.
ومن حيث أن الإنسان موضع تكريم الله تعالى كان حقه على أخيه الإنسان أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وآكدها وأولاها بالعناية دراسة وأداء.
وبما أن الإسلام الحنيف هو رسالة الله إلى خلقه وتكليفه الذي ناطه بالإنسان ليتحمل تبعته ويؤدي واجبه، فقد جاء مستقصياً لهذه الحقوق تبياناً وتأصيلاً وتفريعاً واضعاً كلّ شيء منها موضعه المناسب له في نظام رتيب لم يعرف له مثيل في ظل الديانات والأنظمة الأخرى.
تنوع الحقوق:
للإنسان في ظل الإسلام حقوق شتى منها ما هو حق عام يستوي فيه جميع