ـ(111)ـ
البشر، كالرحمة والإحسان فإنهما واجبان لجميع الناس، بل يتعديان الإنسان إلى الحيوان ولا يفرق فيهما بين حبيب وبغيض، وبين حالات الشدة وحالات الرخاء إذ الإنسان المسلم وإن كان مطالباً بأن لا تأخذه هوادة، وأن لا يتردد في تنفيذ أمر الله، كإقامة حدوده وجهاد أعدائه، إلاّ أنّه مطالب بأن لا يتخلى في هذه الحالات من روح الرحمة والإحسان، ففي الحديث [إنّ الله عزّوجلّ كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته](1).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحذر سراياه من التمثيل بأعدائهم، فعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سرية فقال: (سيروا بسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ولا تعذروا ولا تقتلوا وليداً)(2)، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا بعث جيوشه قال: (أخرجوا بسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع)(3)، وعن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تقتلوا شيخاً فانياً ولاطفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إنّ الله يحب المحسنين)(4).
وقد حرص الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم على هذا المنهج في جميع حروبهم، فعن يحيى بن سعيد أن أبا بكر رضي الله عنه بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشى مع يزيد بن أبي سفيان وكان يزيد أمير بع من تلك الأرباع فقال(إني موصيك بعشر خلال، لا تقتل امرأة ولا صبياً، ولا كبيراً هر ماً، ولا تقطع شجراً مثمراً، ولا تخرب عامراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلاّ لمأكلة، ولا تعقون نخلاً ولا