ـ(102)ـ
كنصوص خاضعة لنقد والنظر العلميين وان الصحابة يمتازون بالمعاصرة ومعايشة عصر النزول، لكنهم أحدثوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله): فينقل البلاغي الحديث المستفيض المروي في صحاح أهل السنة وغيرها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه يؤخذ ببعض أصحابه يوم القيامة ذات اليمين وذات الشمال فيقول: أصحابي أصحابي، فيقال له: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"(1).
لكنه في سياق عرضه للمصادر الحديثية والروائية التي ينقل عنها يقول البلاغي: (وان الدر المنثور أجمع من غيره للمأثور في التفسير باعتبار الأحاديث ورواتها ومخرجيها في كتبهم، فلذا كانت إحالتي في الغالب عليه وأن أخرج الحديث عن صحاحهم التي هي أعلا منه سمعة، وقد أنقل عنها ما لم يذكره وإنّما أذكر عنه ما اسنده عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو عن الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) وأما ما يرويه موقوفاً على التابعين ومن بعدهم فلا حاجة لي فيه)(2)، وهنا يبرز المفسر اهتماما بمرويات الصحابة لكن عبارته لا تساعد على أنّه يأخذها أخذ المسلمات، فهو على ما رسمه لنفسه يخضع هذه النصوص للنظر القرآني في ضوء القواعد العلمية في تقويم النصوص وقد ذكرنا نماذج لذلك وأشرنا إلى كثير منها في الهوامش وعلى الرغم من استفادته مما روي عن ابن عباس لكنه رد قسماً منها في ضوء هذه الاعتبارات العلمية(3) ولقد تحدث البلاغي عن جملة من التابعين الّذين يعدون أعمدة تفسيرية وركائز واضحة في كتب المفسرين فهو لا يرفض أقوالهم، بل يخضعها للنقد والبحث ولأهمية هذا الكلام ثبتناه من مقدمة المفسر لعلاقته الشديدة والمباشرة في هذا المورد:
______________________
1 ـ آلاء 1: 189، وانظر صحيح البخاري 6 ـ 179، صحيح مسلم 4 ـ 2194.
2 ـ آلاء 1 ـ 49.
3 ـ آلاء 1 ـ 381، 246، 363، 2 ـ 26.