ـ(78)ـ
بعضكم رقاب بعض". والكفر هنا كفر فكري أي ضلال وانحراف صاحبه مع انه مسلم أو انه على الحق مع انه يرتكب الكبائر وينتهك أساسيات الإسلام(1). وفي حديث آخر قال حذيفة سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً. فأي قلب اشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فهي نكتة بيضاء حتّى يصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مر باد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلاّ ما أشرب من هواه" رواه مسلم.
والانحراف في هذا الصدد يسميه البعض بمرحلة التيه الفكري.
ففي مرحلة التيه الفكري تظهر طبقة من المثقفين المضلين المتشدقين الّذين يخدعون الناس بنوع من الكلمات المبهمة ويقودونهم بهذه الكلمات الرمزية والشعارات المدوية إلى الهاوية فعن أبي سعيد الخدري وانس بن مالك رضي الله عنهما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "سيكون في أمتي اختلاف وفرقة. قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرأون القرآن الكريم لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتّى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم، قالوا يا رسول الله ماسيماهم ؟ قال: التحليق، (والتحليق هو إخراج الكلام من الحلق تشدقا)(2).
وفي الواقع أن التمزق الفكري الداخلي للأفراد أو للأمم هو أول داء تصاب به الأمة وعن طريق هذا الخلل الفكري، تدخل صنوف الخلل السلوكية نتيجة حتمية لخلل الفكر والواقع خير شاهد بهذه المشكلة المستعصية.