ـ(69)ـ
المعصوم عليه الصلاة والسلام، لأن الفعل، وإن كان سنة إلاّ أن دلالته في غالب الأحيان تعتبر مجملة، كما أن الإمضاء لا يمثل ظاهرة أساسية في الاستدلال بقدر ما يمثله الدليل اللفظي، ومع ذلك، فلابد لنا من الإحاطة التامة بالنظام اللغوي العام الذي يكشف لنا عن قوانين المحاورات العرفية في زمن صدور النصوص لنتمكن من معرفة مداليل الخطابات المتضمنة للحكم الشرعي بشكل واقعي، أو قريب من الواقع، الأمر الذي يلزمنا أن نؤسس نظرية شمولية مستوعبة تتمكن من تفسير كلّ الظواهر اللغوية بحيث لا تشذ عنها ظاهرة أصلاً، وهذا تالياً يحتم علينا أن نبحث عن الوضع بحثاً تفصيلياً لأنه كلما اختلف تفسيرنا للعلقة الوضعية، فهذا يعني أننا نريد أن نجعل من هذا التفسير بياناً قادراً على استيعاب اللغة وظواهرها المختلفة.
وعلى سبيل المثال فإن العلقة الوضعية عندما يفسرها السيد الخوئي (ره) بالتعهد (1) فإنها تكون عاجزة جداً عن استيعاب ظاهرة المجاز مع أنّه من اللغة ضرورة، كما أنها تعجز كذلك عن تفسير الوضع التعيني، وهو واضح الثبوت في اللغة، بينما لأنجد مثل هذا العجز يتطرق إلى النظرية التي تبناها السيد الشهيد الصدر في تفسير العلقة الوضعية وهي نظرية القرن الأكيد (2)
فالنتيجة أن الفقيه ما لم يكن ملماً إلماماً تفصيلياً باللغة وأطوارها فلا يتمكن أن يتعامل مع الدليل اللفظي تعاملاً موضوعياً صحيحاً.
ونحن هنا سوف نشير إلى بعض المبررات التي ذكرها علماء الأصول، وأساتذته، لتفسير السبب الذي من أجله دخلوا في عمق هذه البحوث، وحاولوا أن يؤسسوا نظرياتهم من خلال تأسيسها يشير السيد الشهيد (ره) إلى ذلك بقوله:
______________________
1 ـ بحوث في علم الأصول ـ ج 1 ـ مباحث الدليل للفظي ـ ج 1 ـ الشهيد الصدر ـ تقرير الهاشمي ـ ص 78 ـ ط: 2 ـ 1405 هـ ـ مكتب الأعلام الإسلامي ـ قم.
2 ـ ن.م ـ ص 81 وما بعدها.