ـ(66)ـ
حتّى مجرد إشارة، وانمابد أكتابه باستعراض الأدلة المختلفة على الحكم الشرعي(1).
ومن الواضح أن هذه المصادر الأصولية الأساسية التي مثل المنشأ لعلم الأصول لما لم تذكر هذه المباحث، أعني مباحث الوضع، فإن هذا لا يعني عدم كون المسألة أصولية، أولا أقل عدم أهميتها في علم الأصول، بل ربما يكشف عن عدم الحاجة الماسة لها على أساس أن العلماء في تلك الفترة كانوا يمثلون اللغة، ويعدون من أبنائها الحقيقيين فكما أن علم الرجال، وعلم الحديث لم يكن يمثل حاجة بالنسبة إلى الرواة أنفسهم، أو بالنسبة لمن يروى مباشرة عنهم لأنها سالبة بانتفاء الموضوع، فقد يقال بأن مباحث الوضع من هذا القبيل أيضاً، وبملاحظة مباحث علم الأصول بشكل عام، ومقارنة ما ألف في القرون السابقة ابتداءاً من القرن الثالث، أو الرابع الهجري، وما ألف فيما بعد فإن الكثير من المسائل لم تبحثها تلك الكتب لأنها لم تكن تمثل أي إشكالية آنذاك، أو حاجة تسهم في تقدم البحث، وتطوره، أو ربما لم تكن القدرة الإبداعية آنذاك لدى علماء تلك الفترة، ومفكريها بالمستوى الذي هو عليه علماء ما بعدها من الحقب والأمر الأساسي أن العلم آنذاك في مرحلة الولادة، والنشوء، والتأسيس الأمر الذي يقتضي عدم وجود مسائل كثيرة، ومتشعبة فيه كما هو مفصل في فلسفة العلوم ن وكيفية نشوئها، وتطورها، فمن خلال استمرار البحث تنتج مسائل جديدة، وافتراضات مبدعة فنحن نرى الكثير من المسائل الأصولية الأساسية لم تبحثها كتب المتقدمين، ومع ذلك هي أساسيات في علم الأصول، ويمكن أن تنحل بها الكثير من الإشكاليات، كمسألة الترتب مثلاً، ومسائل البحث المعمق في الأصول العملية، وبحث الظن، واجتماع الأمر، والنهي، وما إلى ذلك من المسائل التي لا نجد لها ذكراً في كتب
______________________
1 ـ التذكرة ـ الشيخ المفيد ـ مقالات المؤتمر الألفي للشيخ المفيد ـ قم المقدسة ـ جمهورية إيران الإسلاميّة.