ـ(62)ـ
جملة من القضايا ذات الارتباط الوثيق بقسم مباحث الألفاظ من بحوث علم الأصول التي تعتبر من المسائل الأصولية الرئيسية المفتقر إليها عند اعتماد الدليل اللفظي في مجال استنباط الحكم الشرعي"(1).
"ذلك أن هذه البحوث ترتبط كلها ـ ومنها الوضع وبحوثه ـ باللفظ وأنحاء ما لـه من مدلول في مقام إفادة المعاني بالألفاظ، وهذا المقام لـه جانبان:
الأول: جانبه من ناحية السامع، وهذا الجانب يمثل دلالة اللفظ على المعنى التي توجب انتقال ذهن السامع من اللفظ إلى معناه.
الثاني: جانبه من ناحية المتكلم، وهذا الجانب يمثل عملية استعمال اللفظ في المعنى، وتوظيفه لـه لا فادته من قبل المتكلم، والجانب الثاني مترتب على الجانب الأول، إذ لو لم يدل لما استعمل (2).
قال ابن جني (3) في كتابه الخصائص(4) تحت عنوان: باب القول على أصل اللغة أإلهامي أم اصطلاح "هذا موضع محوج إلى فضل تأمل، غير أن أكثر
______________________
1 ـ م.ن ص 67.
2 ـ م.ن ص 67.
3ـ عثمان بن جني، كان أبوه رومياً يونايناً وهو في الموصل قبل الثلاثين والثلاثمائة من الهجرة، ولا تعين لمولده سنة خاصة وقيل سنة 322 هـ وكانت وفاته 392 هـ اخذ النحو عن أحمد بن محمّد الموصلي المعروف بالأخفش، وصحب أبا علي الفارسي أربعين عاماً على أثر حادثة حدثت في مسجد الموصل، وكان راوية ثعلب، كما يروى عن أبي الفرج الاصبهاني صاحب كتاب الأغاني، وقد كان يروي كثيراً عن الأعراب، وقد صحب المتنبي برهة، وله علم جم وتأليف كثيرة على رأسها كتاب الخصائص يراجع في ذلك مقدمة كتاب الخصائص ـ تحقيق محمّد علي النجار ـ ط 2 ـ دار الكتب المصرية.
4 ـ كتاب الخصائص من أشهر الكتب التي كتبت في فقه اللغة وفلسفتها، وأسرار العربية ووقائعها، إذ قال عنه مؤلفة في مقدمته: كتاب لم أزل على فارط الحال، وتقادم الوقت، ملاحظا لـه : عاكف الفكر عليه، منجذب الرأي والروية إليه وأدا أن أجد مهملاً أقيله به، أو خللاً أرتقه بعمله، والوقت يزداد بنواديه ضيقا ولا ينهج إلى الابتداء طريقا هذا مع إعظامي لـه ، واعصامي بالأسباب المناطة به واعتقادي فيه أنّه من أشرف ما صنف في علم العرب، وأذهبه في طريق القياس والنظر.. وأجمعه للأدلة على ما أودعته هذه اللغة الشريفة.. راجع مقدمة الكتاب.