ـ(60)ـ
حقائق الأشياء، وواقعية الأمور، أو هي التي تبحث عن ميتا الظاهر أي ما وراءه(1) فإن الظاهر الذي يشترك الجميع في إدراكه في ثنائية اللفظ، والمعنى هو أنّه كلما أطلق لفظ موضوع، فهو دال على معنى، ولكن كيفية هذا الارتباط، وواقعيته، وحقيقته ما هي ؟ هذا أمر لا يدرك إلاّ من خلال البحث الفلسفي، فيكون تالياً البحث في تفسير العلاقة بين اللفظ والمعنى بحثاً فلسفياً، ويحتمل أيضاً أن يكون البحث بحثاً نفسياً سيكلوجياً على أساس أن إحداث السببية التكوينية بين اللفظ والمعنى من تصرفات الذهن عندما يحصل قرن متكرر عدداً، أو خاص كيفاً بين شيئين بشكل كلي والذي أحد تطبيقاته الخاصة: اقتران اللفظ مع المعنى، وهذا أمر يبحث بحسب المألوف في علم النفس الفسيولوجي، فيكون البحث فيه سيكلو فسيولوجي، ولعل البحث قابل أن يدرس في عدة علوم، ولكنه بحيثيات مختلفة، ولعل دراسة المسألة تاريخياً، والوقوف على المراحل التي مرت بها يكشف لنا بشكل واضح، وجلي حقيقة الأمر فيها، وهل تصح دراستها في أكثر من علم، أم أنها لابد أن تختص دراستها بعلم واحد من العلوم، وذكرها في غيره إما أن يكون من باب الاستطراد، أو التمهيد لبحث أساسي من مباحث ذلك العلم، كما قد يقال في الأصول من أنها ممهدة لمبحث التفريق بين المجاز، والحقيقة الذي لـه علاقة مهمة وأساسية، بعملية الاستنباط، إذ يقولون: إن من علامات الحقيقة عملية التبادر،(2) وهي الكاشفة عن الحقيقة، التي تعني استعمال اللفظ، فيما وضع لـه ، الأمر الذي يحتم علينا أن نعرف حقيقة الوضع، لنفرق بينه، وبين الاستعمال من جهة، وبين الحقيقة، والمجاز من جهة أخرى، ونتعرف على
______________________
1 ـ ومن المعروف أن موضوع الفلسفة هو الموجود لما هو موجود، ولكنها لا تكتفي بالبحث الظاهري عنه بل تبحث في عمق الموجودات وحقائقها.
2ـ كفاية الأصول ـ ج 1 ـ ص 15 ـ مع حاشية المشكيني ـ إيران ـ أو أي كتاب أصولي آخر في هذا المبحث.