ـ(52)ـ
القولين ولا نكفر بعضنا ونقول محدث ولا نقول مخلوق لنثبت لله قدرة القول كما لـه قدرة الفعل.
مسألة أفعال العباد:
قيل هي من الله وقيل هي من العبد والجمع بين القولين أن نقول: هي من العبد اختياره وتلحقه أحكامها من المدح والذم والثواب والعقاب وهي باعتبار آخر تنسب الحسنات إلى الله سبحانه لأن وجودها ترتب على أفعاله فهي كالمتولد من فعله تنسب إليه لأنه هدى إليها ويسر فعلها وصرف الموانع ورضيها وفي السيئات لا تنسب لئلا يوهم الجبر والرضى بها فإن كانت فيها لله حكمة صحت النسبة إليه باعتبار تلك الحكمة نحو قوله تعالى [ويذيق بعضكم بأس بعض](1) وفي الحديث أوحى الله إلى نبيه أني قتلت بيحيى ابن زكريا سبعين ألفاً وأني قاتل بابن بنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا ولا فائدة في الخلاف في نسبته إلى الله أهي حقيقية أم مجازية مع الاتفاق على المعنى وترتب الفعل على قدرة العبد واختياره لا ينافي نسبته إلى الله سبحانه لأنه يخلق بعض المخلوقات مترتبة على فعل العبد كإنبات الزرع وخلق الولد وليس المراد أن نسبة الفعل إلى الله من هذا القبيل ! وإنّما المراد أنّه قد يترتب فعل الله سبحانه على فعل العبد مع أن فعل العبد مترتب على فعل الله سبحانه ولا مانع من هذا على أصول أهل العدل أعني نسبة فعل العبد إلى الله بالمعنى المذكور لأنه لا ينافي تحصيل العبد لـه وكونه يستحق أن يسأل عنه تماماً.
وقد ورد في القرآن أن ينسب إلى الله سبحانه وتعالى ما بعضه بواسطة فعل
______________________
1 ـ الأنعام: 65.