ـ(51)ـ
فصل
في صور من طرق التقريب
وهناك طريقة للتقريب وهي: إمكان الجمع بين الأقوال المختلفة على أن يرجع المختلفون إلى ذلك الجمع ونشير هنا إلى صور من الجمع والتقريب بين الأقوال نقول:

مسألة كلام الله:
قيل هو من صفات الله سبحانه وقالوا هو قديم وقيل بل هو حادث وليس صفه.
وحيث أن الفريقين متفقان أن الله سبحانه عالم بكلامه في الأزل لم يكن غافلاً عنه عز شأنه وليس كالمخلوقين الّذين ينشئون كلامهم بترو وتفكير فيسمى الكلام أزليا بمعنى أنّه في علمه سبحانه في الأزل لا بمعنى أن الصوت موجود في الأزل، بل بمعنى أنّه في علمه، وأن كونه في علمه يعتبر وجوداً لـه كما يعتبر القرآن موجوداً في صدور الّذين أوتوا العلم الحافظين لـه .
فيقال القرآن في الصحف مكتوب وعلى الألسن مقروء وفي الصدور محفوظ فاعتبر موجوداً في الصدور ومعنى ذلك أنّه معلوم متصور في الصدور فكذلك إذا قيل هو موجود في علم الله سبحانه في الأزل فمعناه أنّه عالم به في الأزل وكذلك الصوت الذي هو الكلام المؤلف من حروف وكلمات يتبع بعضها بعضاً هو محدث فالقرآن محدث بهذا الاعتبار فنجمع بين الاعتبارين ونتفق على