ـ(50)ـ
شيء فردوه إلى الله والرسول](1).
وقد يقال: إن العقل غير مذكور فيها والجواب: أنا قد بينا أن استعمال العقل في التفسير والتمييز بين المحكم والمتشابه، فهو آلة الرد إلى الله والرسول فقد دلت عليه الآية بالالتزام.
ومن حيث أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واحد تنتمي إليه الفرق كلها يمكن التقارب بين الفرق بالحرص على اتباع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحتاج إلى فهم السنة بالطرق التي ذكرتها لفهم القرآن وأهمها فهم اللغة وتحرير الفكر على ضوء العقل والقرآن كما مرّ.
ومن حيث تبين أن عقل الفرق واحد وقرآنها واحد ورسولها واحد تبين أن معظم سبب التفرق إنّما هو السياسة الدولية والتعصبات وأنهم تفرقوا كما تفرق الّذين أوتوا الكتاب يقول الله تعالى في بني "إسرائيل": [وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم](2) وفي الحديث المشهور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال "لتحذن حذو من قبلكم".
وعلى هذا فتحرير الفكر وإطراح التعصب المذهبي الذي يصرف عن تحرير الفكر، وإطراح الهوى كله، وترك التمسك بالمألوف الموروث، من بعد أهل السياسة الّذين فرقوا بين المسلمين كلّ ذلك مع كمال النظر واعتماد العقل والكتاب والسنة المعلومة لابد أن يتقارب معه المسلمون ويهون الخلاف بينهم إذا أعتمد ذلك وخصوصاً مع التقارب بالمعنى الأول.
______________________
1 ـ النساء: 59.
2 ـ الجائية: 17.