ـ(48)ـ
المعنى الثاني من معاني التقريب: التقريب بينهم في المذاهب والدلالة على ما به يحصل التقارب فيها.
فنقول: لا شك أن الله قد جعل للإنسان العقل الذي هو حجة الله علي الإنسان يوم القيامة يقول الله تعالى: [ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون](1) ولا إشكال أن قضايا العقول متحدة فإذا أتبعتها الفرق فلا بد أن تتحد في مواضيع القضايا العقلية كلها وقد وقع التفرق بسبب إهمال العقل في بعض المسائل من بعض الفرق فتبين من هذا أول طريق من طرق الاتحاد وهي الرجوع إلى قضايا العقل كلها والمراد القضايا المبتوته لا المشروطة بعدم سبب معارض كتحريم قتل الحيوان فإنه مشروط بعدم وجود مبيح يخرج القتل عن كونه ظلماً.
الثاني من طرق الاتحاد: القرآن لأن الفرق مجمعة على أنّه من الله، وأنه حق كما قال الله تعالى: [وبالحق أنزلناه وبالحق نزل](2) فيجب على الأمة اتباعه كما أمر الله وترك ما يصرفهم عنه.
وهذا يتوقف
أولاً: على معرفة اللغة العربية.
ثانياً: ترك التقليد في التفسير للواحد من المفسرين بل وللكثرة إذا كان سببها تقبل التفسير من بعضهم بدون تأمل وتحرير فكر فيترك التقليد في التفسير على الإطلاق.
ثالثاً: التفهم الكامل والتأني حتّى يحصل الفهم بلا تردد ومن المهم جعل القرآن فوق الأغراض والتعصبات المذهبية حتّى لا يعطف القرآن على هواه والله تعالى يقول: [ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله](3).
______________________
1 ـ يس: 62.
2 ـ الإسراء: 105.
3 ـ صاد: 26.