ـ(46)ـ
لأن كونه مبينا ينافي كونه قاصراً عن إفهام المقصود يحتاج فيه إلى بيان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا واضح والحمد لله.
وبمثل ما قلنا في تفسير القرآن بالسنة نقول في تفسيره بقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أو غيره من الأئمة (عليهم السلام).
نعم حيث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أوصى أمته بالتمسك بالقرآن وعترته فعلينا أن ننظر في القرآن باستقلال فكر وحرية نظر بلا تقليد لأحد من المفسرين بل بالطرق المذكورة سابقاً ومع ذلك نتمسك بالعترة في التفسير ونستعين بهم على فهم غوامض القرآن وإحراز درر فوائده، ولا تعارض بين هذا وبين تحرير الفكر في تفهم القرآن لأن علماء آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوضحون لمن تمسك بهم دلالته ومن أين دل على ما ذكروه حتّى تتضح لـه صحة ما ذكروه من دون أن يخالف الواضح من معاني القرآن.
مثال ذلك قول الله تعالى في الإنسان عند الرضاعة [وفصاله في عامين](1)
فهذا كلام واضح معناه، وقوله تعالى [وحمله وفصاله ثلاثون شهراً](2) وهذا واضح معناه أن جملة مدة الحمل والرضاع ثلاثون شهراً فحين نرجع إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) نجده يبين لنا دلالة مجموع الآيتين على أن أقل الحمل ستة أشهر وهذا واضح يقبله الفهم بدليله من القرآن وعلى هذا يتبين أنّه لا تنافي بين تحرير الفكر والتمسك بالعترة في التفسير.
______________________
1 ـ لقمان: 14.
2 ـ الأحقاف: 15.