ـ(45)ـ
مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه](1) فإذا اتبعناه كنا قد حكمتاه على الروايات عملاً بهذه الآية أما إذا عملنا بالروايات وتركنا القرآن كنا قد حكمنا الروايات على القرآن بغير دليل.
فإن قالوا: الدليل، أن الله قد أمر باتباع الرسول، قلنا: وقد أمر باتباع القرآن.
والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جعل التمسك به أماناً من الضلال في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي" فقد استوى القرآن والسنة في وجوب ابتاعهما وليس النزاع في ذلك إنّما النزاع في الروايات الظنية التي لا نعلم أنها من السنة.
واختص القرآن بأنه متيقن وبأن الله جعله حاكماً بين الناس فيما اختلفوا فيه وبأن الله خص القرآن من بين الوحي بأن جعله كتاباً ليحفظ ويتبع على تعاقب الأجيال وعند اختلاف الروايات وكثرة الكذب على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال سبحانه [وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون](2).
وليكون إياه غاية باقية مصدقا للرسول وبشيراً ونذيراً فلو حكمنا عليه الروايات لضاع بين التفاسير المكذوبة معظم الهدي في القرآن.
وأيضاً فإن القرآن كلام أحكم الحاكمين بلسان عربي مبين فلا يحتاج إلى أن يترجمه الرسول ليفهمه العرب لأنه نزل بلسانهم فلا يصح دعوى أن الروايات حاكمة على القرآن بدعوى أنها بيان للقرآن لأنه يستلزم أن يكون التعبير في القرآن ناقصاً عن إفادة المقصود به وهذا يخالف قوله تعالى [بلسان عربي مبين](3)
______________________
1 ـ البقرة: 213.
2 ـ الأنعام: 155.
3 ـ الشعراء: 195.