ـ(44)ـ
على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تبعاً للسياسات الدولية والتعصبات المذهبية وتبعاً لغلط بعض الرواة من طريق السهو أو من طريق سوء الفهم.
وقد قيل تحكم الروايات إذا خالفت ظاهر القرآن وأن السنة حاكمة على القرآن، واحتج أهل هذا القول بقوله تعالى: [وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم]، قالوا فلما كان هو المبين كان الواجب تقديم ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعله مبيناً للقرآن ولو بطريقة التأويل.
والجواب أن الآية الكريمة [لتبين للناس] لا تدل على صدق الروايات المخالفة للقرآن ولا تدل على أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بين القرآن بما يصرفه عن ظاهره، لأن التبيين منه (صلى الله عليه وآله وسلم) يحصل بالبلاغ الواضح للسامع لا غموض في الصوت بل هو مسموع بين للسامعين ولا غموض في إخراج الحروف من مخارجها بل هي بينة وبهذا يكون قد بين للناس القرآن والسنة القولية ولا تدل الآية الكريمة على أكثر من هذا.
فلا يصح قولهم "إن السنة حاكمة على القرآن" كيف ؟ والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أول مأمور باتباع القرآن في قول الله تعالى [وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون](1).
والحق أن القرآن هو الحاكم لأن الله تعالى قد جعله حاكماً بين الناس فيما اختلفوا فيه، فالعمل بظاهر القرآن هو العمل بالحكم الذي في القرآن الذي يدل عليه لأن ظاهره قد حكم بخلاف حكم الرواية فيكون دليلاً على أنها غير صحيحة أو أنها متأولة بما يوافق القرآن أو أنها منسوخة فيما يمكن فيه النسخ.
والدليل على أن القرآن هو الحاكم قول الله تعالى [فبعث الله النبيين
______________________
1 ـ الأنعام: 155.