ـ(30)ـ
هذه السطور على قلتها، تحدثنا بسهولة عن دقائق فنية لا ينالها إلاّ فقيه متضلع جرب الفقه عن بصيرة وخبرة ومارس الاجتهاد والاستنباط بحذاقة ودقة.
أولها: أن الفقه والاجتهاد ذو مراتب فله مرحلة البداية ومرحلة متوسطة ومرحلة النهاية، ثم لكل مرحلة أيضاً مراحل ومراتب مختلفة.
ثانيها: أن الفقه فيه مسائل متفق عليها، ومسائل مختلف فيها، وأن كلا من الوفاق والخلاف في المسائل نشأ عن أدلتها.
ثالثها: أن الوقوف على نقاط الخلاف من الأدلة، هو العمدة في الفقه والاجتهاد، ومن لا يلتفت إلى نقاط الوفاق والخلاف فليس بفقيه.
رابعها: أن مسائل الفقه، منها منطوق بها في النصوص، ومنها مسكوت عنها، بعيدة عن المنطوق بها، ومنها متوسطة بينهما، لها تعلق بالمنطوق بها وتعلق بالمسكوت عنها.
خامسهاً: أن هذه النقاط تجري مجرى الأصول والقواعد التي يُستند إليها ويعتمد عليها المجتهد.
سادسهاً: أن من المسائل ما اشتهر فيها الخلاف أو الوفاق، ومنها ما لم يشتهر فيها الخلاف والوفاق.
سابعها: أن بدء الفقه من عصر الصحابة رضي الله عنهم، وأن الخلاف أو الوفاق نشأ بينهم أولاً ثم جرى إلى الأعصار المتأخرة بين الفقهاء.
ثامنها: أن باب الاجتهاد كان مفتوحاً عند الصحابة والأجيال الّذين تأخروا عنهم، جيلاً بعد جيل، حتّى فشا التقليد فيما بعد.
تاسعها وعاشرها: أن هذا التعبير "إلى أن فشا التقليد" فيه إيماء إلى أن التقليد أمر طارئ في الشريعة الإسلاميّة وأنه خلاف الأصل، وأيضا فيه إشارة لطيفة ـ حسب ما أفهمه ـ إلى أن ابن رشد الذي مارس الفقه والقضاء طول حياته