ـ(185)ـ
وفي إخماد الفتن كلّ هذا يعني أن الفنون العسكرية الإيرانية كان لها دور فاعل في إدارة العمليات العسكرية بعد الإسلام.
وأما في مجال العلوم الإدارية فيكفي أن نذكر أن المحاسبات الإدارية كانت تتم في الدولة حتّى زمن هشام بن عبد الملك باللغة الفارسية، مما يدل على أن الجهاز الإسلامي استفاد من هذه العلوم ومن الإيرانيين المتمرسين فيها دونما أدنى حساسية، ومن الطريف أن لغة هذه الدواوين بدلت إلى اللغة العربية في زمن هشام على يد إيراني يحسن اللغتين هو صالح بن عبد الرحمن (1).
أما الحديث عن موقف العرب من المراكز العلمية والمكتبات في إيران إبان الفتح الإسلامي فهو ذو شجون لقد حاولت العصبيات أن تعطي للفاتحين المسلمين طابعا وحشيا معاديا للعلم والمعرفة، وتصفهم بأنهم بدو أبادوا حضارة إيران وقضوا على المعالم العلمية فيها بل وحتى الكتب المدرسية الإيرانية في عصر الطاغوت كانت تلقن الطلبة هذه المفاهيم عن الفتح الإسلامي، وتبين لهم أن جامعة جنديشابور والمكتبات الإيرانية أبيدت على يد الفاتحين (وتسميهم الغزاة طبعا) ومثل هذه النعرة قد ارتفعت بشأن إحراق مكتبة الإسكندرية على يد المسلمين الفاتحين.
ودرس الباحثون مسألة إحراق مكتبات إيران إبان الفتح ومنهم الأستاذ الشهيد مطهري رضوان الله تعالى عليه، وذكر كلّ الأقوال في هذا المجال وفندها كما فند فرية إحراق مكتبة الإسكندرية(2).
بقي أن نشير إلى موقف الإسلام من العادات والتقاليد ولاشك أن المسلم
______________________
1 ـ انظر: خدمات متقابل، مصدر مذكور ص 373 وما بعدها.
2 ـ انظر: خدمات متقابل، مصدر مذكور فصل كتابسوزى إيران ومصر ـ إحراق مكتبات إيران ومصر، 306 وما بعدها.