ـ(184)ـ
يكن سلبيا أبدا إذا لم يندرج في قائمة موانع الحركة التكاملية يشهد على ذلك موقفه من التراث الإيراني القديم.. من اللغة الفارسية.. ومن علوم الحرب.. ومن علوم الادارة.. ومن فنون العمارة.. ومن الكتب القديمة.. ثم من العادات والتقاليد السليمة.
مع أن اللغة العربية هي لغة الدين، ولا يصح إسلام مسلم إلاّ إذا تعلم قدرا من هذه اللغة، فأن العرب لم يفرضوا لغتهم على أبناء الشعوب المفتوحة فرضا كما فعلت القوي الغازية في التاريخ بل وفي عصرنا الراهن أيضاً.
نعم، لقد أقبل الإيرانيون بنهم على تعلم اللغة العربية وخدموا هذه اللغة في مختلف المجالات، ولكنهم لم يجدوا أنفسهم ملزمين بترك اللغة الفارسية، فبقيت هذه اللغة إلى جنب اللغة العربية، بل إن العرب الساكنين في إيران بعد جيل أو جيلين أصبحوا يتكلمون باللغة الفارسية ولكن من الطبيعي أن تمتزج اللغتان لتشكلان اللغة الفارسية الإسلاميّة بمفرداتها العربية الكثيرة.
واستفاد المسلمون دون شك من فنون الحرب الإيرانية لأن الاكاسرة كانوا يهتمون بهذا الجانب بشدة لما كان بينهم من حروب مستمرة مع الروم المنافسين لهم في السيطرة على العالم، والوثائق التاريخية المتوفرة في هذا المجال رغم قلّتها توضح استفادة العرب من هذه الفنون، ففي عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) حفر الخندق حول المدينة في حرب الأحزاب باقتراح من سلمان الفارسي، وكلمة الخندق كما يقال فارسية ثم إن القادة العسكريين الإيرانيين في اليمن كان لهم دور في إدارة عمليات الفتوح وفي القضاء على الردة كما إن جمعا من قادة جيش كسرى (الاساورة) كان لهم مثل هذا الدور حتّى في فتح إيران ثم إن التاريخ يحدثنا عن دور قيادات عسكرية إيرانية في القضاء على بعض الحركات القومية المعارضة للإسلام في إنحاء إيران، وفي الفتوحات الإسلاميّة، وفي القضاء على الخوارج،