ـ(183)ـ
واستئصال شأفته.
جدير بالذكر أن القوميين المتعصبين من العرب والإيرانيين يحاولون أن يركزوا على بعض الحركات القومية الإيرانية التي شهدها التاريخ مثل حركة "به آفرين" و"سنباد" و"بابك الخرمي" و"مازيار" ليثبتوا تفوق العنصر القومي لدى الإيرانيين على الروح الدينية ولكن كل الوثائق التاريخية تشهد خلاف ذلك، ففي كلّ أمة شواذ، ولا أدل على شذوذ هؤلاء من انزوائهم عن الأمة وتحولهم إلى لصوص وقطاع طرق ومجرمين، حتّى تم القضاء عليهم بيد القادة الإيرانيين أنفسهم من أمثال أبي مسلم والافشين(1).
ولا بأس من الإشارة إلى أن مصر تعتبر واحدة من أهم مناطق التعايش العربي ـ الإيراني، فالإيرانيون بعد الإسلام شاركوا في فتح مصر من اليمن، ثم كانوا يشكلون نسبة كبيرة من الجيش الذي تعقب مروان آخر الخلفاء الأمويين إلى هذا البلد وعند القضاء على الأمويين سكن كثير من الإيرانيين في مصر، وتعايشوا مع المصريين حتّى إن أهل مصر كانوا يرجعون في عصر إلى الفقيه الإيراني الليث بن سعد.

موقف الإسلام من التراث الإيراني القديم
لا شك أن الإسلام حارب كلّ ما يصد حركة الإنسان والمجتمع الإنساني نحو الكمال المنشود في الفكر والسلوك والنظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وألغاه جميعا.. ولكن موقفه من النتاج الفكري والعلمي الإنساني لم
______________________
1 ـ انظر: برتولد شبرولر، تاريخ إيران في القرون الإسلاميّة الأولى، ص 100 وما بعدها من الترجمة الفارسية.