ـ(182)ـ
العربية وعلى أثر التزاوج والتعايش نشأ أبناء العرب على اللغة الفارسية، ولم يمض جيلان حتّى تعذر التمييز بين العرب والإيرانيين في اللغة والملبس والعادات والتقاليد(1).
وهناك من يحاول أن يتخذ من قضية الموالي والتعامل العربي معهم موضوعا للطعن في التعايش الأخوي بين الإيرانيين والعرب والواقع إن نظام الولاء وفر فرصة زوال الفواصل بين القبائل العربية والمسلمين الجدد، حيث أصبح الموالي جزء من هذه القبائل يتمتعون بكل ما توفره القبيلة لا بنائها من حماية سياسية واقتصادية واجتماعية ثم إن الحديث عن الموالي على انهم فئة اجتماعية واحدة فيه الكثير من المجازفة والتبسيط المخلّ كما يقول الدكتور الدوري (2) لأن الموالي لم يكونوا فئة واحدة، فمنهم الكتاب والوزراء، ثم منهم الفقهاء والعلماء ولهؤلاء منزلة عالية، ومنهم التجار، وأثرهم كبير في الحياة الاجتماعية، كما إن منهم الصناع والفلاحين، وكان ينظر إلى هذه الفئة الأخيرة نظرة متواضعة.
والواقع إن التاريخ احتفظ لنا بصور من الإهانات التي نزلت بالموالي وخاصة في العصر الأموي حتّى إن الجزية فرضت على المسلمين منهم في فترة من فترات الحكم الأموي، ولكن هذا لم يخل بالتعايش السلمي بين الإيرانيين والعرب فكلاهما كان متبرما بظلم الأمويين وساخطا عليهم، كما أن العرب دافعوا عن الإيرانيين تجاه ما أنزله بهم بعض الولاة العرب المتعصبين من ظلم وتمييز عنصري(3)، ثم إن الخراسانيين عربا وإيرانيين تعاونوا في القضاء على الحكم الأموي
______________________
1 ـ برتولد اشپولر، تاريخ إيران في القرون الإسلاميّة الأولى، ج 1 ص 239 وما بعدها من الترجمة الفارسية.
2 ـ مقال: العلاقات التاريخية بين إيران والعرب، مقال غير منشور.
3 ـ انظر الطبري 9 / 1352 حول شكاية أبي الصيداء إلى عمر بن عبد العزيز حين قدم إليه من خراسان، وتظلم من أن عشرين ألفا من الموالي يغزون مع العرب بدون عطاء ولا رزق، وأن مثلهم قد أسلموا من أهل الذمة تؤخذ منهم الجزية، كما استغاث به من جفاء الأمير وعصبيته.