ـ(181)ـ
إن ساءت العلاقات بين كسرى پرويز والنعمان أبي قابوس حتّى قضى كسرى على دولة المناذرة رغم ما أسداه عرب الحيرة من خدمات للبلاط الإيراني الكسروي في فتح مصر وفي صد اليونانيين كما إن الوثائق تذكر نزاع الإيرانيين والعرب حول حصن الضيزن على شاطئ الفرات وتحدثنا الوثائق عن صراع دموي حدث بين الإيرانيين والعرب في عصر سأبور الثاني (309 ـ 379م) إذ أغارت القبائل العربية على أطراف مملكته فانتقم سأبور منها وأسكن أسراها في كرمان وأهواز ومناطق أخرى من أرض إيران ويقال إن سأبور هذا كان ينزع أكتاف رؤساء القبائل العربية فسماه العرب ذا الأكتاف.
ولا تذكر الوثائق التاريخية عن تعايش سلمي بين العرب والإيرانيين قبل الإسلام سوى ما حدث في اليمن، إذ دخلها الإيرانيون ليخلصوا اليمنيين من الأحباش، فاستوطنوا فيها وتعايشوا مع أهل اليمن، وربما يعود هذا التعايش السلمي إلى بعد اليمن عن السيطرة الكسروية المباشرة(1).
أما بعد الفتح الإسلامي فقد أصبح العرب والإيرانيون أمة واحدة واصبحوا بنعمة الله أخوانا، وسجل التاريخ صفحات رائعة من التآخي العربي الإيراني، هي بحق من أروع صفحات عطاء الدين في إنقاذ الشعوب من النزاعات الدموية ومن الروح التسلطية المتفرعنة ويحتاج استعراض هذه الصور الرائعة إلى دراسة مستقلة فاكتفي بذكر بعض اللقطات منها.
هاجرت القبائل العربية إلى شرق العالم الإسلامي فتوطنت مع الإيرانيين في العراق وإيران وكانت الهجرة كثيفة بشكل خاص إلى خراسان الكبرى. وكان اللغة السائدة في العراق العربية ومعها الفارسية، والسائدة في إيران الفارسية ومعها
______________________
1 ـ انظر: جواد علي، تاريخ العرب قبل الإسلام، وجرجي زيدان، العرب قبل الإسلام.