ـ(175)ـ
الجندية، ومن ذلك أيضاً قيامهم بطقوسهم الدينية على الطريقة التي تحلو لهم وكانوا من قبل مجبرين على أن يؤدوها وفق تعاليم الدولة وقوانين المؤسسة الدينية الصارمة (1). ولم يكن عليهم من الواجبات تجاه الدولة الإسلاميّة سوى أداء ضريبة الجزية مقابل حصولهم على حماية الدولة الإسلاميّة، وكان مبلغ الجزية يزيد قليلا على ما يدفعه المسلم من ضرائب (2) كما إنها ما كانت تزيد على مبلغ ضريبة الرأس التي كانوا يؤدونها للحاكم الساساني (3).
وتذكر الوثائق أن الزرادشتيين اسلموا بالتدريج خلال القرون الإسلاميّة، ويذكر أن سامان جد مؤسسي الدولة السامانية أسلم في القرن الثاني وقابوس جد سلالة حاكمة إيرانية أخرى أسلم في القرن الثالث، ومهيار الديلمي الشاعر الإيراني المعروف أسلم في أواخر القرن الرابع الهجري (4). أكثر أهالي كرمان ظلوا طوال العصر الأموي على الديانة الزرادشتية، ويتحدث المقدسي الذي طاف في فارس عن الزرادشتيين هناك ومكانتهم واحترام المسلمين إياهم (5) وهكذا يذكر المسعودي عن أهالي اصطخر، ويتحدث عن كتاب جامع كان لدى الزرادشتيين عن تاريخ الدولة الساسانية استفاد منه في تدوين تاريخه، ويذكر اسم "الموبد" في هذه المدينة ومكانته بين أتباعه(6).
ويعقد المسعودي في مروج الذهب فصلا تحت عنوان: "في ذكر الأخبار عن بيوت النيران وغيرها" ويذكر اسم بيت النيران في "دارا بجرد" التي رآها سنة
______________________
1 ـ فرأي، مصدر مذكور، ص 33.
2 ـ نفس المصدر.
3 ـ الدوري، عبد العزيز، مقدمة في تاريخ صدر الإسلام، ص 71.
4 ـ مطهري، مرتضى، خدمات متقابل إيران وإسلام ـ فارسي ـ ص 106.
5 ـ أحسن التقاسيم، ص 39، 420، 429.
6 ـ التنبيه والأشراف ص 91 ـ 92.