ـ(173)ـ
وعتاد وآلة الحرب وفنون القتال، بينما كان سكان إيران آنئذ يبلغ (140) مليونا منهم عدد لا يحصى من الجنود (1) حجم سكان إيران إذن كان كافيا لان يضيع فيه المقاتلون المسلمون مما يدل على أن الفتح كان وراءه الشعب الإيراني نفسه أيضاً.
4 ـ التوغل الإسلامي السريع إلى أقاصي شرق إيران يدل على أن المقاومة الوحيدة التي واجهها الفتح الإسلامي إنّما كانت من القوات التي بقيت موالية لخسرو پرويز، وما إن اندحرت حتّى توغل الفاتحون المسلمون في العقد الثاني الهجري إلى خراسان وما وراء النهر، فمن أسلم من أهل البلاد المفتوحة، أصبح لـه ما للفاتحين وعليه ما عليهم، ومن أبى الإسلام صالحه المسلمون على "تقوى الله ومناصحة المسلمين وإصلاح ما تحت يديه من الارضين"(2).
ومن الطريف في أمر الفتح الإسلامي أن المسلمين دخلوا غرب إيران ووصولا قزوين غير أن منطقة شمال قزوين، الجبلية وهي منطقة سكان الديلم استعصت عليهم، ويبدو أن هؤلاء الديالمة قد تركت طبيعة الجبال الوعرة أثرا في طبيعة سلوكهم، فكانوا أشداء ذوي منعة وجلادة ومقاومة، فأبوا أن يسمحوا للفاتحين ـ كما أبوا أن يسمحوا من قبل للساسانيين ـ بالتوغل إلى منطقتهم، وأضحوا حتّى منتصف القرن الثالث الهجري يسمون كفار الديلم، ولكن هؤلاء أنفسهم احتضنوا الداعية العلوي الحسن بن زيد وولوه عليهم وأصبحت المنطقة بعد حين مسلمة على مذهب أهل البيت (3).
5 ـ سنرى فيما بعد أن الإيرانيين بعد قرنين من الفتح الإسلامي نالوا
______________________
1 ـ انظر: سعيد نفيسي، تاريخ اجتماعي إيران ـ فارسي ـ.
2 ـ انظر: كتاب ابن عامر إلى عظيم هراة ويادغيس ويوشنج، البلاذري، فتح خراسان.
3 ـ انظر: فرأي، تاريخ إيران من الإسلام حتّى السلاجقه، ص 91 من الترجمة الفارسية.