ـ(172)ـ
الإسلامي(1).
وإذا كان سيف بن عمر قد وضع روايات دموية في أخبار الردة، فقد وضع مثل هذه الروايات في الفتوح أيضاً، وخاصة فتح إيران(2). وهي أيضاً مليئة بسيول الدماء وصور البشاعة التي تقشعر منها الأبدان، وكلها مزيفة ولا أصل لها من الصحة(3).
وما يرتبط بدمويات روايات سيف بن عمر في فتح إيران ـ إضافة إلى تعارضه مع طبيعة الدعوة الإسلاميّة، ومع وثائق تاريخية كثيرة جدا عن الموقف الإنساني تجاه أهالي البلدان المفتوحة في ظل الإسلام ـ فإنه مرفوض لما يلي:
1 ـ إن الإيرانيين المتحررين من ربقة السيطرة الكسروية أسلموا قبل الفتح، من ذلك الإيرانيون في اليمن والإيرانيون في البحرين، ووجود سلمان الفارسي بين ابرز الصحابة لـه دلالته الواضحة.
2 ـ تذكر الوثائق أن جماعات غفيرة من أصناف الإيرانيين تعاونوا مع الفاتحين المسلمين في القضاء على النظام الكسروي منهم القبائل المتنقلة وراء الكلأ (الزط)، ومنهم سكان السواحل (السيابجة)، بل منهم قواد جيش يزد جرد (الاساورة)(4).
3 ـ تخمينات الباحثين تذهب إلى أن عدد المقاتلين المسلمين في فتح إيران لم يتجاوز(60) ألفا، وكانوا يفتقدون إلى ما كان عند الجيش الإيراني من عدة
______________________
1 ـ انظر: مرتضى العسكري، عبدالله بن سبأ واساطير أخرى، ج 2، ط6، ص 21 وما بعدها، بحث: انتشار الإسلام بالسيف في حديث سيف.
2 ـ انظر: الطبري: وقعة ذات السلاسل، ووقعة الثني أو المذار، وخبر ما بعد الحيرة 1/ 2047 ـ 2059 ط أوروبا.
3 ـ انظر: العسكري، مصدر مذكور.
4 ـ انظر: البلاذري، فتوح البلدان، فصل أمر الاساورة والزط.