ـ(13)ـ
المحور المركزي للهجوم والتنديد.
[... حتّى زرتم المقابر]: أي شغلكم التكاثر والتباري بعدة الحياة الدنيا حتّى فاجأكم الموت ووسدتم الثرى في مقابركم، كما هو عن الحسن البصري وقتادة.
ومن اعتمد من المفسرين على الرواية القائلة بنزولها في تفاخر بني عبد مناف وبني سهم في رجالهم وأشرافهم، حتّى ذهبوا إلى المقابر يعدون قبور موتاهم... من اعتمد هذه الرواية قال: حتّى زرتم المقابر لعد الموتى والتفاخر بهم (1).
لقد قرأ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) [ألهاكم التكاثر حتّى زرتم المقابر] فقال (عليه السلام) معلقاً على مدلولها بكلمات تقطر حكمة ويقيناً ودلالة:
(يا لـه مراماً ما أبعده(2) وزوراً ما أغفله. وخطراً ما أفظعه. لقد استخلوا منهم أي مدكر(3) وتناوشوهم من مكان بعيد أبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون يرتجعون منهم أجساداً خوت(4) وحركات سكنت ولأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً ولأن يهبطوا بهم جناب ذلة أحجى من أن يقوموا
______________________
1 ـ كما هو عن العلامة الزمخشري في الكشاف ج 4 (تفسير سورة التكاثر).
2 ـ المرام الطلب بمعنى المطلوب والزور بالفتح الزائرون وهم يرومون نيل الشرف بمن تقدمهم وتلك غفلة فإنما ينالون الشرف بما يكون من موجباته في ذواتهم فما أبعد ما يرومون بغفلتهم.
3 ـ استخلوهم أي وجدوهم خالين والمدكر الادكار بمعنى الاعتبار أي خلوا أسلافهم من الاعتبار ثم قلب المعنى في عبارة الامام فكان أخلوا الادكار من آبائهم مبالغة في تقريعهم حيث أخلوهم منه وهو محيط بهم وأي صفة محذوف تقديره مدكر وتناوشوهم تناولوهم بالمفاخرة من مكان بعيد عنها.
4 ـ خوت: سقط بناؤها وخلت من أرواحها.