ـ(12)ـ
واللهو: ما يشغل الإنسان عما هو أهم لأمره، ومصاديق ما يتكاثر به الإنسان الساهي الغافل عن الله تعالى كثيرة جداً، فقد يتكاثر الإنسان ويتباهى ويتفاخر بالمال أو الجاه أو رجال العشيرة أو حزبه أو قومه أو أولاده أو ما إلى ذلك من عدة الحياة الدنيا.
ومن هنا، فإننا نجد أن الآية تفسرها النصوص الشريفة بعدد من هذه المصاديق وليس بمصداق واحد، من قبيل ما رواه قتادة عن مطرف بن عبدالله بن الشخير عن أبيه، قال: انتهيت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول: [ألهيكم التكاثر] قال: يقول ابن آدم مالي مالي، ومالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت" أورده مسلم في الصحيح(1).
ويقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حول مفهوم التكاثر في السورة ما يلي: "التكاثر لهو وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير"(2).
وقد روي في معنى الآية، أنها جاءت رداً على تكثر اليهود وتفاخرهم بعدد رجالهم وأشرافهم، حيث قالوا: نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان(3).
وقد ذكر بعض من المفسرين أنها جاءت رداً على تكاثر وتباري بني عبد مناف وبني سهم في عدد رجالهم، فكثرهم بنو عبد مناف (4). فنزلت السورة تندد بهذا الاتجاه الغافل البليد.
وهكذا، فأن الانشغال بالتكاثر بزينة الدنيا عن الله عزّوجلّ والحياة الباقية هو
______________________
1 ـ رواه الطبرسي في مجمع البيان عن صحيح مسلم، كما رواه تفسير نور الثقلين ج 5 ص 660.
2 ـ تفسير نور الثقلين ج 5 ص 660.
3 ـ مجمع البيان ج 10 ص 533.
4 ـ تفسير الكشاف للزمخشري (تفسير سورة التكاثر).