ـ(115)ـ
الراسيات.
2 ـ لو كان النظر في معرفة الله تعالى واجباً لأدى إلى الدور، لأن وجوب النظر المأمور به من الله تعالى متوقف على معرفة الله، ومعرفة الله متوقفة على النظر.
والجواب: إنه لا وجود للدور، لأن وجوب النظر الشرعي متوقف على معرفة الله بوجه ما، ومعرفة الله متوقفة على النظر بوجه أكمل، فتكون المعرفة التي يتوقف عليها وجوب النظر غير المعرفة التي تنتج من النظر.
أما الّذين أوجبوا التقليد، وحرموا النظر فاحتجوا بدليلين:
1 ـ إن النظر مظنة الوقوع في الشبهات، والتردي في الضلالات واضطراب الآراء، بخلاف التقليد، فإنه طريق آمن من الأوهام والضلالات، فكان سلوك ما هو اقرب إلى السلامة أولى، فيجب المصير إليه، أي إلى التقليد.
الجواب: إن المحذور اللازم من النظر لازم في التقليد، فكان هذا الدليل معارضاً بمثله، بدليل أن الله نص على قوم، بتقليدهم أباءهم، حيث ذمهم بما قالوا: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)(1).
و أيضاً إن النظر الموجب للشكوك والشبهات هو النظر الفاسد، والمطلوب هنا النظر الصحيح، والنظر الصحيح مأمون العاقبة(2).
2 ـ إن النظر منهي عنه بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: [ما يجادل في آيات الله إلاّ الّذين كفروا] (3).
والنظر يفضي إلى فتح باب الجدال فكان منهياً عنه، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
______________________
1 ـ سورة الزخرف: 23.
2 ـ المستصفى 2: 124.
3 ـ سورة غافر: 4.