ـ(112)ـ
فنرى أن الشافعي قد رويت عنه أربع روايات تفضل وترجح المنع، وروايتان تمنع التقليد، ورواية تجيزه، ولا ندري بأي الروايات نأخذ، وبالتالي لا نملك إلاّ التوقف.
أما دليل ابن حزم في منع التقليد طريقان:
1 ـ رده أدلة القائلين بالتقليد.
2 ـ استدلاله بالقرآن على منع التقليد.
أما رده القائلين بالتقليد بعد إيراد أدلتهم فقط فقد قال: أحتج بعضهم ولم يسم أحداً منهم بقوله تعالى (ولينذروا قومهم)(1) قالوا: أوجب الله تعالى على الناس قبول نذارة المنذر لهم، وهذا أمر منه تعالى بتقليد العامي للعالم، ثم رد ابن حزم على ذلك بقوله: (لا حجة لهم فيه لأن الله تعالى لم يأمر قط بقبول ما قال المنذر مطلقاً، ولكنه يقال: إنما أمر بقبول ما أخذ ذلك المنذر، في تفقههم في الدين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن الله عزّوجلّ، لا ما اخترع مخترع من عند نفسه، ولا ما زاد في الدين من قبل رأيه، ومن تأول ذلك على الله عزّوجلّ وأجاز لأحد من المخلوقين أن يشرع شريعة غير منقولة عن الله، فقد كفر وحل دمه وماله، وقد سمى الله من فعل ذلك مفترياً، فقال تعالى: (الله أذن لكم أم على الله تفترون)(2).
فإن قالوا:(فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(3).
قلنا صدق الله العظيم وكذب محرف قول الله تعالى، فأن أهل الذكر هم رواة السنن عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والعلماء بأحكام القرآن، برهان
______________________
1 ـ التوبة: 122.
2 ـ يونس: 59، وانظر الأحكام لابن حزم 2: 1092 طبعة عاطف.
3 ـ الأنبياء: 7.