ـ(110)ـ
ما يجب عليه من التكليف.
وقد فرق ابن القيم بينهما فقال رداً على من يقول بتقليد الأئمة: (وأن مقلدهم على حق وهدى قطعاً، لأنهم سالكون خلفهم، وسلوكهم خلفهم مبطل لتقليدهم لهم طبعاً إن طريقتهم كانت اتباع الحجة والنهي عن التقليد والبعد عن تقليدهم، فمن ترك الحجة وارتكب ما نهوا عنه، ونهى الله عنه ورسوله قبلهم، فليس على طريقتهم وهو من المخالفين لهم، وإنّما يكون على طريقتهم من اتبع الحجة وانقاد للدليل، ولم يتخذ رجلاً بعينه سوى الرسول يجعله مختاراً على الكتاب والسنة بعرضهما على قوله، وبهذا يظهر بطلان قول من فهم أن التقليد اتباع، بل هو مخالف للإتباع، وقد فرق الله ورسوله بينهما كما فرقت الحقائق بينهما، فإن الاتباع سلوك طريق المتبع والآتيان بمثل ما أتى به)(1).
حكم التقليد:
نكاد أن نقطع بحصول الاتفاق عموماً (2) بين المذاهب الإسلاميّة ما عدا من شذ منهم (3) على أن مجال التقليد هو في الأحكام الفرعية دون الأصول.
فأحكام القضايا العملية التي تثبت بطريق ظني هي المجال الذي يصح فيه الاجتهاد والتقليد، وقد اختلفت كلمة المسلمين في حكم التقليد في المسائل الشرعية على أقوال، وبالإمكان حصر تلك الأقوال وإرجاعها إلى ثلاثة:
الأول: القول بالتحريم مطلقاً وعلى رأس هذا الاتجاه ابن حزم الظاهري،
______________________
1 ـ أعلام الموقعين 2: 30.
2 ـ شذت التعليمية والحشوية في ذلك كما سيتضح فيما بعد (انظر الأحكام للآمدي 4: 446).
3 ـ طريق الوصول إلى كفاية الأصول 4: 336.