ـ(109)ـ
بينهم، فهو مقلد مذموم، بيقين أصاب أم اخطأ، وهو آثم على كلّ حال، عاص لله تعالى بذلك، لأنه لم يقصده من حيث أمره من اتباع النصوص(1).
وقال أبو يوسف: لا يحل لأحد أن يقول مقالتنا حتّى يعلم من أين قلناه.
وقال السيوطي: (مازال السلف والخلف يأمرون بالاجتهاد ويحضون عليه، وينهون عن التقليد ويذمونه ويكرهونه، وقد صنف جماعة في ذم التقليد كالمزني، وابن حزم، وابن عبد البر، وأبي شامة، وابن القيم الجوزية، وصاحب القاموس المحيط)(2).
وقال القرافي: (مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد)(3).

التقليد بالمعنى الخاص:
المراد به: السير في الأحكام الدينية على طبق ما وصل إليه اجتهاد شخص آخر، وإن وجدت فيه كافة الشروط التي تخول العوام الرجوع إليه، ومن دون الوقوف على مدارك الحكم الذي اجتهد فيه المتبرع، ويخرج بهذا التقليد الخاص عن نطاق المحاكات العامة، والتي قد تصدر من الشخص بدون إرادة جازمة كما قلنا سابقاً في التثاؤب، أو رد التحية الصادرة من شخص مشغول الذهن، وهذا هو التقليد المحمود، لأن العاجز عن الاجتهاد لم يقدر على التوصل إلى الحكم الشرعي بنفسه، فلم يبق أمامه إلاّ اتباع من يرشده من أهل النظر والاجتهاد إلى
______________________
1 ـ الأحكام لابن حزم 2: 30.
2 ـ الرد علي من أخلد في الأرض: 42، القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد للشوكاني: 17، الرسالة للشافعي: 42.
3 ـ إرشاد الفحول: 226.