ـ(108)ـ
ويطلق على هذه العملية بـ (التقليد العام) فيقال فلان مقلد لفلان في الظهور أمام المجتمع والأخذ بعاداته الخاصة أو بمظهره الخارجي، وحتى في طريقة الألفاظ وتكلمها.
وبهذا تلتقي عملية المحاكاة مع عملية التقليد بحسب المفهوم اللغوي فيقال: قلده في كذا، تبعه من غير نظر، وتأمل، وهو الذي يسمى بـ (التقليد المذموم أو المحرم)، وهو على ثلاثة أنحاء:
الأول: ما تضمن الإعراض عما أنزل الله، وعدم الالتفات إليه، كتقليد الآباء والرؤساء.
الثاني: تقليد من لا يعلم المقلد أنّه أهل لأن يؤخذ بقوله.
الثالث: التقليد بعد ظهور الحجة، وقيام الدليل عند شخص على خلاف قول المقلد.
وهذه الأنواع هي التي يحمل عليها ما ورد من آيات وأحاديث في ذم التقليد.
فقد نهى العلماء ـ الأئمة الأربعة ـ عن تقليدهم وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة.
فقد قال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري(1).
وقال أحمد: لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الثوري ولا الأوزاعي، وخذ من حيث أخذوا، وقال: من قلة فقه الرجل أن يقلد دينة الرجال(2).
وقال ابن حزم: (أما من اعتقد قولاً بغير اجتهاد أصلاً، لكن اتباعاً لمن نشأ
______________________
1 ـ أعلام الموقعين 2: 168.
2 ـ تحفة الرأي السديد: 39.